(1) جاء في إنجيل مرقس (12 / 28 ـ 32) أن أحد اليهود الكتبة سأل المسيح فقال:

" أيةُ وصيَّةٍ هي أوّل الكلّ؟ فأجابه يسوع: إن أول كل الوصايا هي: اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد، و تحب الرب إلهك من كل قلبك و من كل نفسك و من كل فكرك و من كل قدرتك، و هذه هي الوصية الأولى. و الثانية مثلها و هي: تحب قريبك كنفسك. ليس وصية أخرى أعظم من هاتين. فقال له الكاتب: جيدا يا معلم قلت: لأن الـلـه واحـد و ليـس آخـر سواه.."

و مثل هذا أيضا جاء في إنجيل لوقا و إنجيل متى، و فيه قال عيسى عليه السلام بعد بيانه لهاتين الوصيتين: " بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس [2] كلـه و الأنبياء "[3] .

و هذا يؤكد أن توحيد الربوبية و الألوهية أساس الشريعة و أساس دعوة جميع الأنبياء عليهم السلام، و هذا ما صدقه القرآن في قوله عز وجل: { و لقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت } النحل / 36، و قوله سبحانه: { و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } الأنبياء / 25.

و مما يجدر بالذكر التنبيه إليه أن سيدنا عيسى عليه السلام بين أنه لا وصية أعظم من هاتين الوصيتين، و أنهما أساس الناموس و أساس جميع دعوات الأنبياء، و بناء عليه، فلو كانت ألوهية عيسى عليه السلام و مشاركة الابن لله في ألوهيته، عقيدة حقة و الإيمان بها شرط ضروري للنجاة و الخلاص الأخروي ـ كما نص عليه دستور الإيمان الذي تقرر بمجمع نيقية ـ لبيـَّن عيسى عليه السلام ضرورة الإيمان بذلك و لم يكتمه، خاصة في هذا المقام الذي سئل فيه عن أهم الوصايا، فلما لم يذكر ذلك في هذا المقام، علم أن ألوهية عيسى ليست من وصايا الله عز و جل أصلا.

(2) و جاء في إنجيل يوحنا (17 / 1ـ 3):

" تكلم يسوع بهذا و رفع عينيه نحو السماء و قال: أيها الآب قد أتـت الساعة... و هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإلـه الحقيقي وحدك و يسوع المسيح الذي أرسلته ".

قلت: ففي هذه الآية بين عيسى عليه السلام أن النجاة الأخروية تكمن في الإيمان بأن الآب هو الإلـه الحقيقي وحده، فلفظة وحدك صريحة قاطعة في انفراد الآب بالألوهية، و عدم مشاركة أي أحد آخر ـ و منهم المسيح الابن ـ له فيها. و يؤكد هذه أكثر عطف المسيح، كرسولٍ لله تعالى، فيما يجب معرفته و الإيمان به. و هذا هو عين ما قاله القرآن الكريم و هو وجوب الإيمان بالله وحده لا شريك له، و بأن المسيح رسول الله، على نبينا و عليه الصلاة و السلام.

amr amoor (amr saber)الأديان والمعتقدات


أكثر...