فإنه والله كان بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ، ويحكم عدلا ، ويتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير الدمعة ، طويل الفكرة ، يقلب كفه ، ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما خشن ، ومن الطعام ما جشب - أي بالجيم والشين المعجمة والباء الموحدة على وزن نصر وسمع أي غلظ أو بلا أدم كما في القاموس انتهى - كان والله كأحدنا يجيبنا إذا سألناه ، ويبتدينا إذا أتيناه ، ويأتينا إذا دعوناه ، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة ، ولا نبتديه لعظمته ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، ويحب المساكين لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله ، فأشهد بالله لرأيته في بعض مواقفه ، وقد أرخى الليل سجوفه ، وغارت نجومه ، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته ، يتململ تململ السليم يعني القريص ويبكي بكاء الحزين ، فكأني أسمعه وهو يقول : يا دنيا يا دنيا أبي تعرضت ، أم لي تشوقت ، هيهات هيهات ، غري غيري ، قد بتتك ثلاثا لا رجعة لي فيك ، فعمرك قصير ، وعيشك حقير ، وخطرك كبير ، آه من قلة الزاد وبعد السفر ، ووحشة الطريق .


سلام الله عليك وعلى رأسك المطبور وعلى دمائك الطاهرة
ولعن الله من عاداك

لرحمتك راجيةGoogle إجابات-العلاقات الإنسانية-العالم العربي-الإسلام


أكثر...