بني أميّة ليس لهم صفة دينية أو من عائلة النبي المقرّبين أو أبناء بنته أو أي شيء يمكن أن يضفي القداسة والعصمة على تلك الأسرة .. وهذا أوّل شروط الحكم المدني (العلماني) القائم على الإعتماد على مؤهلات الكفاءة الإدارية والسياسية والخبرة الدنيوية وليس على النسب الشريف أو مجرّد التقوى الدينية ..

وقد فطن عمر بن الخطاب لهذا المعنى وهو يحاور عبدالله بن عباس الذي أشغل نفسه كثيرا بمسألة الوصيّة ورزيّة يوم الخميس ويقول له: " يا بن عباس أبوك عم رسول الله وأنت ابن عمه! فما منع قومكم منكم ؟؟ قلت: لا أدري . قال: لكني أدري. يكرهون ولايتكم لهم, قلت: لم؟ ونحن لهم كالخير!! قال: اللهم غفرا يكرهون أن تجتمع فيكم النبوة والخلافة فيكون بجحا بجحا, لعلكم تقولون إن أبا بكر فعل ذلك لا والله ولكن أبا بكر أتى أحزم ما حضره ولو جعلها لكم ما نفعكم مع قربكم .. " ( تاريخ الطبري)

وحتى ابن تيمية يقول كلاما معقولا في كتابه "منهاج السنة النبوية" عن ولاية أبي بكر رضي الله عنه بأنه من الخير للمسلمين أن يكون خليفته ليس من قرابته ويكون من عشيرة بعيدة مثل تيم قوم أبي بكر حتى لاتكون هناك شبهة توريث بمصطلحاتنا المعاصرة .. ولو أراد الله أن يكون الحكم وراثيا في عائلة النبي من بعده لكان الأولى أن يعيش من بعده ولد ذكر يرث مكانه ( حسب كلام الأستاذ عباس محمود العقاد في كتابه عبقرية الإمام عليّ )

ومعاوية نفسه لايخفى عليه هذا المعنى عندما يقول في بعض خطبه:" إني لست بخيركم ، وإن فيكم من هو خير مني : ابن عمر ، وعبد الله بن عمرو وغيرهما . ولكني عسيت أن أكون أنكاكم في عدوكم ، وأنعمكم لكم ولاية ، وأحسنكم خلقا " .. وهذا هو معنى "ولاية المفضول" عند اهل الفقه والكلام .. المفضول دينيّا ولكن الأفضل سياسيا أو الذي ليس خيركم ولكنه خيرٌ لكم .. وأيّ سياسي داهية وقدير معاوية ! إننا نستطيع أن ندرس سيرته ونلاحظ أوجه الشبه بين سياسته ومقولات مع ميكافيلي مع تسجيل السبق لمعاوية ، والناس يظنون أن ميكافيلي أمرٌ سيء وهو في الحقيقة رائد الفكر السياسي الحديث القائم على المصلحة والذي يقطع مع المفاهيم السياسية الأخلاقية القديمة ..

وتحياتي للجميع.

z2200zمهند (الجليد الناري)Google إجابات-تعليقات المستخدمين-العالم العربي-الإسلام-الثقافة والأدب


أكثر...