جحا الإنسان الذي أضحك الملايين بنوادره الطريفة وأخباره العجيبة التي تناقلتها الألسن على مر العصور، أصبح اليوم في ذاكرة الناس مجرد شخصية ***فيّة، إلا أن المعاجم وكتب التراجم والأدب ورجال الحديث تبين لنا أن جُحا شخصية حقيقيّة لها تاريخها العريق، وماضيها المشرق الذي غَفِل عنه الأكثرون؛ نتيجة ما نُسِب إليه من النوادر والطرائف التي كرّسته رمزًا للحماقة والتغفيل.
فمن هو جحا؟
اختلف فيه الرواة والمؤرخون فمنهم من عرفه بأنه :
هو الشيخ نصر الدين الرومي
تركي الأصل.ولد في بلدة "سيوري حصار" في الاناضول"تركيا"وتوفي عام(283)هجري في بلدة(آق شهر)وله فيها قبر مشهور.
تلقى علوم الدين في(آق شهر)و(قونية) وولى القضاء في نواحيها وقد ولي الخطابةوالتدريس في بلدة(سيوري حصار) ونصب اماما في جامعها.
كان واعظا ومرشدا . وكان مشهورا بالصلاح والتقوى. وانه كان يعتمد في وعظه وارشاداته على النكتةالبريئة والنادرة الطريفة.
كان اعتماده في معاشه على حراثة الارض واحتطابها والعمل فيها على الدوام.
وكانت داره محطا للواردين والغرباء وجماعة الفلاحين والفقراء توفى فى عمر الستين تقريبا
ومنهم من عرفه بأنه
هو أبو الغصن دُجين الفزاري المشهور ب(جحا) الذي عاش نصف حياته في القرن الأول الهجري
ونصفها الآخر في القرن الثاني، فعاصر الدولة الأموية
وبقي حياً حتى خلافة المهدي، وقضى أكثر سنوات حياته
التي تزيد على التسعين عاماً في الكوفة.
وهو الرأي الأصوب .وقد اختلف فيه الرواة والمؤرخون، فتصوّره البعض مجنوناً وقال البعض الآخرإنه رجل بكامل عقله ووعيه وإنه يتحامق ويدّعي الغفلة ليستطيع عرض آرائه النقدية والسخرية من الحكام بحرية تامة.
وما إن شاعت حكاياته وقصصه الطريفة حتى تهافتت عليه الشعوب،
فكل شعب وكل أمة على صلة بالدولة الإسلامية صمّمت لها (جحا) خاصاً بها
بتحوير الأصل العربي بما يتـلاءم مع طبيعة تلك الأمة وظروف الحياة الاجتماعية فيها.
ومع أن الأسماء تختلف وشكل الحكايات ربما يختلف أيضاً.
ولكن شخصية (جحا) المغفّل الأحمق وحماره هي هي لم تتغيّر.
وقد اقتبست شخصية جحا وأصبح لكل دولة جحا خاصا بها ,
وهكذا نجد شخصية (نصر الدين خوجه) في تركيا، و(ملة نصر الدين) في إيران،
و(غابروفو) جحا بلغاريا المحبوب، و(ارتين) جحا أرمينيا صاحب اللسان السليط،و(آرو) جحا يوغسلافيا المغفل.
وبعودة بسيطة إلى التاريخ تكتشف أن كل هذه الشخصيات في تلك الأمم قد ولدت واشتهرت في القرون المتأ***، وهناك شك فى وجودها أصلاً، فأغلب المؤرخين يعتقدون أنها شخصيات أسطورية لا وجود لها في الواقع،
وقد اشتهرت حكاياتها في القرون الستة الأخيرة، وربما أشهرها
وأقدمها هو (الخوجة نصر الدين) التركي الذي عاصر تيمورلنك في القرن الرابع عشر،
كما يتضح ذلك من حكاياته الطريفة مع هذا الطاغية المغولي.
وقد عرف جحا بين معاصريه بالطيبة والتسامح الشديدين، وأنه كان بالغ الذكاء، وتنطوي شخصيته على قدر كبير من السخرية والفكاهة.
ووسيلته إلى ذلك ادّعاء الحمق والجنون، أو بالأحرى التحامق في مواجهته لصغائر الأمور اليومية، استعلاء منه على حياة فانية،

sayedy (ram hmdlh)الثقافة والأدب


أكثر...