لماذا لم يدافع الإمام علي (عليه السّلام) عن زوجته الصدّيقة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) ؟
مجمل القضيّة هو : إنه قد كان الواجب على الناس الوفاء بما عاهدوا عليه الله ورسوله , وبايعوا عليه أمير المؤمنين (عليه السّلام) في يوم الغدير وغيره ، فلمّا خالفوا جلس علي (عليه السّلام) وأهله وأصحابه في البيت ، فرأى القوم أنّ الأمر لأبي بكر لا يتمّ إلاّ بحمل عليٍّ (عليه السّلام) على البيعة ، فطلبوه مراراً فأبى أن يخرج ويبايع ، حتّى أمر أبو بكر عمرَ بنَ الخطاب ومَن معه بأن يأتوا به جبراً وقسراً ، فجاؤوا إلى بابه ، فمنعتهم الصديقة الطّاهرة من الدخول .
ولم تكن الزهراء (سلام الله عليها) تظنّ ـ ولا أحد يظنّ ـ أن تبلغ بهم الجرأة والجسارة لأن يدخلوا بيتها ويضربوها ثمَّ يعصروها بين الباب والجدار .
ولكنهم دخلوا وأخرجوا الإمام للبيعة ، ولو أنّ عليّاً (عليه السّلام) خرج إليهم في تلك الحالة لقتلوه ، وذلك لم يكن إلاّ في صالحهم ؛ إذ كانوا يقولون ـ وتسير الأخبار إلى سائر الأقطار ـ بأنّ عليّاً خالف الاُمّة وخرج على الخليفة فقتله الناس كما قال بعضهم ذلك بالنسبة إلى الإمام الحسين (عليه السلام) ؛ فلا الإمام علي (عليه السّلام) سكت حتّى يقال : وافق ، ولا قام بالسّيف وحارب حتّى يقال : حارب على الحكم والرئاسة .
سؤال : لمإذا لم يقم الإمام أمير المؤمنين علي (صلوات الله وسلامه عليه) بفعل شيء للذين هجموا على الدار و**روا ضلع البضعة (صلوات الله عليها) ؟
الجواب : لقد فعل الإمام (عليه السّلام) شيئاً في ذلك اليوم حيّر به العقلاء إلى هذا اليوم ، وهو «السكوت» , وفيه «كلّ شيء» ؛ وبذلك أحبط المؤامرة .
ثمَّ إنّ هناك أمرين يجب الالتفات إليهما :
أحدهما : إنّ الناس كانوا ينتهزون الفرصة للانتقام من علي (عليه السّلام) ؛ لقتله أشياخهم في الحروب والغزوات .
الثاني : إنّ الإمام (عليه السّلام) كان مأموراً بالصبر , وهم كانوا عالمين بذلك ... وقد نصّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على أنّ في قلوب الناس ضغائن يبدونها بعد وفاته ، ونصّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) على كونه مأموراً بالصبر في غير موضع من خطبه وكلماته .
ومع الأسف الشديد فإن الخليفتين قد روّعا الزهراء (عليها السّلام) , ولم يرعيا فيها وصايا الرسول ( ص) حتّى ماتت وهي غاضبة عليهما . وقد روى البخاري في كتاب الخمس قائلاً : فغضبت فاطمة بنت رسول اللّه , فهجرت أبا بكر , فلم تزل مهاجرته حتّى توفيت(14) .
ويقول البلاذري بعد ذكره لحادثة السقيفة المريرة : إنّ أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة ، فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة ، فتلقّته فاطمة على الباب ، فقالت فاطمة : (( يابن الخطاب , أتراك محرقاً عليَّ بابي ؟ )) .
قال : نعم ، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك(15) .

بدون اسمالإسلام


أكثر...