طوال الفترة الماضية، ربما كان المسؤولون السعوديون يشعرون بنوع من الفخر والاعتداد وهم يقلبون اسماء المدن والبلاد التي يسود فيها الفكر السلفي – الوهابي، في مناطق من العالم الإسلامي.. وكانوا يعدون انفسهم في مأمن من التأثيرات الخارجية على الذهنية العقائدية لديهم في الداخل، فلا خوف على "الوهابية" و"السلفية" في الداخل السعودي، بعد أن تمكنوا من تصديرهما الى الخارج، وهو ما يفترض ان يشكل امتيازاً يعزز الوضع الداخلي، بيد أن المفاجأة جاءت عندما يجدون أن القاعدة الجماهيرية التي يستندون إليها، عبارة عن أرض رملية ساخنة ومتحركة في آن، حيث يجدون في أرض الحرمين الشريفين وعلى مقربة من بيت الله الحرام، من يراجع نفسه وقناعته بكل ما سمعه عن الدين الاسلامي من رجال الدين التابعين للبلاط، ويشكك في صحة كل ما قيل ويقال عن الاسلام عندهم.

هنالك دوافع عديدة لنشر الفكر السلفي الى بعض البلاد العربية والإسلامية، وتحويلها فيما بعد الى "سلفية جهادية"، لعل أقربها الى التصور، حرص السعودية على ايجاد مساحات نفوذ تساعدها على تمرير سياساتها وفرض مصالحها على الآخرين. من هذه الدوافع، التنافس المحموم على النفوذ مع إيران، لاسيما في البلاد ذات الأهمية الإستراتيجية، مثل با**تان وأفغانستان ثم بلاد القوقاز، وفي مرحلة لاحقة، العراق ولبنان وسوريا، وحتى بلاد المغرب العربي وبعض البلاد الإفريقية.

لقد استغلت السلفية والوهابية الأجواء غير الطبيعية في بعض البلاد، حيث القمع والاضطهاد، والتمييز والتهميش العرقي والطائفي، ربما مثالنا البارز هنا، بلاد القوقاز التي عانت طوال عقود من الزمن، من الاضطهاد والقمع الروسي، منها الشيشان وداغستان، وغيرها.. فعندما تتحدث السلفية عن "الجهاد" فانها تكون في نظر السكان المحليين المنسيين في القرى البعيدة، بمنزلة الفارس المنقذ، أو الطريق نحو استعادة كرامتهم. فمن القرى النائية في داغستان والشيشان، ترعرع الشباب الانتحاريون الذين نفذوا عملياتهم داخل روسيا، أو في العراق و سوريا.

وبما أن حالة الفقر والتخلف، تُعد من عوامل نشوء الإرهاب الطائفي، فقد استغلت السعودية هذه الثغرة لتكريس وجودها في مناطق الحرمان والتخلف، فنراها تبذل الملايين لبناء المساجد وتشييد المؤسسات الخيرية والتربوية، وتصدر رجال الدين (المبلغين) مع كميات هائلة من الكتب والاصدارات الثقافية، الى جانب المصحف الشريف الذي ثبتوا عليه اسم "الملك السعودي" على أنه الراعي لمشروع الطباعة والنشر والتوزيع المجاني. وهكذا وصل الفكر السلفي – الوهابي محمولاً على الريال السعودي ومختلف انواع المساعدات.

H.MAHMOODGoogle إجابات-العلاقات الإنسانية-الأديان والمعتقدات-العالم العربي-الإسلام


أكثر...