سٌــقـطـرة الــعــذراء
=============
فكري قاسم

"يا حيا باكن، بقا شرهن ديسا قطري" .
نصيحة،لاداعي للإنشغال بما في القوسين القوسين أعلاه ، ففي "سُقطرة" الـ تبعد 450 كم عن مدينة عدن ما هو اهم- خصوصاً- إذا ما شاهدأحدكم وهو يزور الجزيرة لأول مرة ، مجموعة نساء يجلسن في خانة طقم عسكري مر للتو من أمامك لكأنه يسابق الريح!
- أي جريمة أرتكبن؟ ولماذا يقودوهن الى الشرطة هكذا ؟
ذلك أول سؤال سيخطر في بالك وأنت تشاهدهن ، البعض جالسات وأُخر واقفات وشراشفهن السوداء- متروكة للريح.
- هل تقطعن لأحدٍِ ؟ اوقٌمن بأعمال قرصنة في البحر لاسمح الله؟
وضعتُ يدي على قلبي-خائفاً- لكن "ناظر" الرجل الخمسيني الأسمر – وهو بالمناسبة سائق السيارة التي تنقلت بها في الجزيرة- همس الي غير مبالٍ بقلقي:"ذينه نساء من الجزيرة،رايحات رحلة".

تنفستُ بارتياح حينها,ثم عرفت أن ندرة سيارات النقل العمومية في الجزيرة طوَّعت قسوة "الميري"العسكري لصالح الناس. وهذا شيء جيد ، إذ نادراً ما تقوم الأطقم العسكرية بمهام غير مدفوعة الثمن.
يوجد في "سقطرى"مطار طول مدرجه (3400)ويقع طبقاً لمعلومات عرفتها انذاك على 7خطوط دولية.كما يسمح لطائرات العبورالقادمة - من كل مكان التوقف فيه للتزود بالوقود .. بيد ان الصعوبة بعينها في سقطرة الـ يقدر تعداد سُكَّانهامابين "100 الى 80 الف" مواطن, أن تجد تا** أجرة ، أو حتى باصات نقل عمومي!

وستحتاج يومياً – كزائر للجزيرة – 60$ لتتمكن ، بسيارة تصحبك طيلة اليوم ان تتنقل في واحدة من اجمل المواقع على سطح الكوكب.
كزائرٍ لسقطرة لاول مرة,فأنك لن تستطيع فكاكاً من الاحساس بأن اول قدم وطأتها هي قدمك انت.وستتخيل للحظة انك (كولومبس) وتقوم بمهمة اكتشاف لجزيرة مدهشة ولكنه لاينبغي لترحالك فيها ان يدوم اكثر من ثلاثة ايام,الا اذا كانت مؤنتك من المأكل والمشرب جيدة.

في سقطرة لاتبحث عن الفاكهة ..سعر الموزة الواحدة 50 ريال.
اماسعرالخروف فيبدو مغريا حتى لذوي الدخل المحدود4000الف ريال,وبالهنا ، ستتذوق لحماً لذيذا لخروف تغذى جيداً من اعلاف أثق تماماً ان (كباش) العالم كلهم يتحدثون عنها كـ فارس احلام.

*حالة ذعر*

يعاني السكان المحليون من ارتفاع تكاليف تذاكرالطيران.سيما وان الجو بوابة العبورالوحيدة اليها.لاسفن لنقل الركاب والسلع,ولااختراع لدراجات نارية لها اجنحة,او سيارات(ايرباص)تطير.كماوأن الجزيرة لشهور-كل عام -تنقطع عن العالم بفعل الرياح.ووحدها الطائرات من تستطيع حمل المؤنة والسفر.

المفارقة ان"سُقطرى"عرفت منذ بداية الألفية الأولى للميلاد،بكونها أحد أهم مراكز تصدير السلع التي كانت تُستخدم لأحياء الطقوس والشعائر في ديانات الشرق القديم.ثم اعتبرت(منفى)في ديانة السنوات الأولى من حُكم الح** الإشتراكي اليمني للجنوب,واحيطت بكثيراً من الأساطير الشعبية كحالة ذُعر.
حدثني (طارق)37سنة,يعيش في المكلا(تبعد 50دقيقة بالطائرة عن سقطرة) كيف ان الرعب ضرب قلبه حينما وجد إسمه-يوما-بين قائمة مجندين تم توزيعهم لأداء الخدمة العسكرية (بعد الثانوية) في الجزيرة."كانوا يقولون ان فيها سحرة،واللي يروحها ما يعود!!"واردف:"الأهالي خوفونا منها،لانهاكانت منفى" غير أن الح** الاشتراكي الذي نُفي من السُلطة بعد حرب صيف 1994م المشؤومة,لم يترك الجزيرة بلا أثر على ما يبدو،بل ورَّث للأهالي هناك ما يمكن إعتباره إشتراكية مُشاعة يومياً،هي إشتراكية "التوصيلة للجميع".
إذ يكفي المواطن في الجزيرة أن يقف ـ ولو لساعات ـ في إنتظار سيارة تمرمن امامه،ليؤشرلسائقها:ووووب..معك لوسمحت.
وببالٍ رائق وطويل,سيتوقف اي سائق-غير مزحوم-ليحملك معه إلى حيث يقف،ومن بعدها:"أكمل المشوار" معتمداً على لياقتك البدنية.

*الضوضاء استعمار سيء*

لمرات تسائلت مستغربا:مالذي يغري الاجانب والسياح في جزيرة تبدو الخدمات فيها حاجه اقل من بدائية؟!ثم اكتشفت السر.
عندما زرتها كنت مدووشاً كما لو ان ضوضاء العالم كلها تركض في جمجمة رأسي.
عصر اول يوم غطست في شاطئء(ذي حمري)حيث بوسع المرء-وان كان اسوأسباح في العالم-ان يشاهد قوس قزح من الاحياء البحرية يلهو قريبا من عينية الغاطستين في الماء.طبعاً,ليس ذلك هو السر. لعله هذا الذي سيأت,اوبما الذي يليه.

يتبع ... .. .

الباحث للحقيقةسقطرى-Google إجابات-الجغرافيا-الإسلام-اليمن


أكثر...